قصة الشيخ والحظ العاثر
كان هناك شيخ يعيش فوق تل من التلال مع عائلته، وكان له حصان وحيد محبب إليه، وفي يوم من الأيام فر حصانه، وفجاء وفدوا إليه الجيران يواسونه لهذا الخطب والحظ العاثر، فأجابهم بلا حزن، وما أدراكم أنه حظ عاثر!،
وبعد أيام قليلة عاد إليه الحصان، مصطحب معه عددا من الخيول البرية،
وفجاء وفدوا إليه الجيران يهنئونه على هذا الحظ السعيد
فأجابهم بلا تهلل: وما أدراكم أنه حظ سعيدا!
ولم تمض إلا أيام حتى كان ابنه الشاب يدرب أحد هذه الخيول البرية، فسقط من فوقه وكسرت ساقه
وجاؤوا اليه الجيران يواسونه في هذا الحظ السيئ فأجابهم بلا هلع: وما أدراكم أنه حظ سيئ ؟
وبعد أسابيع قليلة أعلنت الحرب، وجند كل شباب القرية إلا ابن الشيخ فقد اعفى من القتال والانضمام الى المقاتلين بسبب كسر ساقه
فمات في الحرب اغلب شباب القرية!
وهكذا ظل الحظ العاثر يمهد للحظ السعيد، والحظ السعيد يمهد لحظ عاثر إلى ما لا نهاية في القصة.
وليس في هذه القصة فقط بل وفي الحياة إلى حد بعيد. أهل الحكمة لا يغالون في الحزن على شيء فاتهم؛ لأنهم لا يعرفون على وجه اليقين إن كان فواته شرا خالصا أم خيرا خفيا ، أراد الله به أن يجنبهم ضرره أكبر ، ولا يغالون أيضا في الابتهاج للسبب نفسه، إنما يشكرون الله دائما على كل ما
أعطاهم، ويفرحون باعتدال، ويحزنون على ما فاتهم بصبر وتحمل. هؤلاء هم السعداء، فإن السعيد هو الشخص القادر على تطبيق مفهوم الرضى بالقضاء والقدر، ويتقبل الأقدار بمرونة وايمان.
الحكمة لا يفرح الإنسان لمجرد أن حظه سعيد، فقد تكون السعادة طريقا للشقاء والعكس بالعكس
كما قال الله تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أَن تحبواْ شيـا وهو شر لكم واللهُ يعلم وأَنتمْ لَا تعلمون